Tuesday, May 15, 2007

رجل احب بغداد


لا اعرف ان كان من حقى ان اكتب عنك

وعن الألام التى تذوقتها وحدك

او وحدك وانت بين قلوبنا

ولكننى احاول هنا ان اخبرك

اننى اشعر بك

او احاول ان اشعر بك

**********

كان شاباً فى مقتبل العمر

يعيش وحيدا فى القاهرة بعيداً عن باقى الأسرة فى الصعيد

كان يعيش فى المعادى

خطب فتاة منها...سرعان ما انفصل عنها لأختلافهم الجذرى فى العادات والتقاليد

فهو صعيدى

وهى لم تفهم ذلك

تعرف بالصدفة على فتاة عراقية تدرس فى جامعة القاهرة

تعيش هى واخوها واختها الصغرى

تعرف بالأسرة الصغيرة

واغرم بالفتاة الصغيرة

كانت جميلة..رقيقة..مهذبة

ادمن كلامها العراقى الجميل

احبها

ذهب ورائها الى بغداد ليطلب يدها من والدها

كان والدها باكستانى الأصل

اتى الى بغداد وهو طفل صغير

ويملك الأن تجارة رائجة فى بغداد

كان من اكبر تجار الذهب هناك

وقد عمل قبل ذلك فى ايران

ملحقا بالسفارة العراقية هناك

رفضت كل الأسرة زواج ابنتهم من مصرى

عدا الاب

الذى اعجب بتدينه ووافق على الزواج

********

سمع تلك القصة كثيراً وهو طفل صغير

كيف احب والده امه وذهب الى العراق وراء فتاة احلامه

كان اول مولود لهم

تشبع بحبهم...وبقصتهم

وتشبع بحبهم لبغداد

عاش فى مصر فى طفولته

منها الى الكويت

وفى الصيف تأتى الرحلة المنتظرة الى بغداد

احب بغداد

واحب اهلها

واحب ادق تفاصيل الحياة هناك

وهناك..دق قلبه لأول مرة

ابنة خاله

اجمل من يصف

وارق من ان تجرح

احس بنفسه يعيد كتابة التاريخ

فمع مرور السنين

ترسخ حبهما امام الجميع

واصبح هو لها

وهى قد خلقت من اجله

لم يكن شيىء يمنعه عن بغداد

عن حبه فى بغداد

حتى ايام الحصار الطويلة

كان الأسرة تنتقل من بلد الى بلد

لتصل الى بغداد

كم من اليالى قضتها تلك الأسرة الصغيرة

ابيه وامه واخوه وهو

فى عربتهم يبحثون عن طريق امن

يصلون به لبلدهم الثانى

او الأول

بغداد

ويصل هو معهم اليها

فهى بالنسبة اليه بغداد

بحواريها وازقتها وشوارعها

هى العراق الجميل

هى اضرحة الشيعة

وطعم التوابل فى اكل جدته

وكل عام تكبر اكثر

ويكبر معها كل معانى الحب وأحلامه المقدسة

مازال يذكر اول مرة ذهب الى بغداد بعد الحصار

كان قد مرت اربع او خمس سنوات لم يقدروا ان يجدوا طريقا لبغداد

نزلوا فى بيت الجد الذى كان قد رحل عن الدنيا

واتت كل خالته واخواله ليطمئنوا على سلامتهم

ويرحبوا بهم

يذكر كيف اخذت عينيه تبحث عنها

وكيف اتت بوجها الملائكى وقد احمرت وجنتيهاوهى تمد يدها نحوه

كان اخر لقاء لهما وهم اطفال

كان كل منهم له نفس الشغف ليرى كيف صار الأخر

وهل مازال يذكر العهد

هل مازالت له

وهل مازال ينظر لها بغض النظر عمن حوله

كانت العائلة بأكملها تتجمع عصر كل يوم

فى تقليد جميل

ترتدى النساء والفتيات اجمل مالديهم

ويعدون بهمة الشاى الساخن وبعض المأكولات الخفيفة

ويجلسون جميعا رجالاً ونساء

كان بيت جده دائم البسمة

وكم استغرب كيف يكون هؤلاء تحت الحصار

انتظر ظهورها طويلاً

حتى اتت حاملة بعض الأكواب

يتذكر عينيها

وكيف كانت تبحث عنه فى استحياء

يتذكر كيف ذهبوا جميعاً

الى ضريح الأمام على

وبعض المزارت الشيعية الأخرى

ووسط كل ابناء العائلة

ومن بين كل العيون

ترتاح عيناه هناك

وسط ملامحها

*******

عاد الى الكويت

ومنها الى مصر ليكمل تعليمه الجامعى

فى احدى كليات القمة المتعفنة

وبهدؤه المعتاد

وبالعهد الذى يحفظه فى قلبه

انخرط فى المجتمع الجامعى الصغير

صار له اصدقاء يعشقونه

ويعشقون حكياته عن بغداد

وعن حبه فى بغداد

حتى وجد نفسه احيانا يخبرهم انه سيعيش هناك

فى يوم من الأيام

فمو قد ادمن بغداد

مرت ايامه سريعة

وهويعيش وحيداً فى شقة الأسرة

يتابع دروسه

وقبلها اخبار بغداد

وفى يوم لا يذكره

لا يريد ان يذكره

اتت اخبار من بغداد

عن اخت حبيبته

كانت تكبره بعام واحد

متزوجة حديثاً بعد قصة حب دامية

احبت شاباً عراقياورفضه اهلها

كان من مستوى اقل بكثير من عائلتها

ولكنها اجبرت الجميع على القبول

وبعد شهر واحد من الزواج

اكتشفت فيه انه عاجزاً جنسياً

وتتطاول فيه عليها بالأيدى

قررت الأنفصال

وقرر زوجها ان يطاردها

سمع كل ذلك من حين لأخر

حتى اتى قرار الأسرة من بغداد

ابعدوها عن بغداد

وفعلا تلقى اتصال من ابيه

يخبره ان ينتظر خالته وابنتها فى مطار القاهرة

كان متعاطفاً لأقصى درجة مع اخت حبيبته

واعتبرها فرصة ان يخفف عنها وعن خالته

ويوطد علاقته بأسرته المستقبلية

سكنوا معه فى نفس البيت

وكمحاوله منه للتخفيف عن العروس الحزينة

اخذها وانطلق

اعاد تعريف القاهرة لها

رافقته فى كل مكان

من كلية

الى سهرات الأصدقاء

الى سهرات خاصة جمعتهم هم فقط

غبى

نعم غبى

لم يفهم انها فى تلك الظروف

بعد صدمتها فى حبيب العمر

ستنقل كل مشاعرها نحوه

ربما كانت خبرته اقل من ان يدرك ذلك

او ربما ادرك ولم ينتبه

وربما طمئنه انها تعرف ما بينه وبين اختها

من قصة عمرها من عمره وعمر اختها

مرت الأيام

وعادت خالته الى العراق

تاركة ابنتها فى رعاية قريبة لهم تقطن فى مصر الجديدة

كان يطمئن عليها من فترة لأخرى

وفجأة

وجدها امامه فى المنزل

قررت ان تبيت معه فى تلك اليلة

وتذهب معه الى الجامعة فى اليوم التالى فقد ملت مصر الجديدة

لم يستطع ان يرفض

اطل السهر عليهم فى تلك الليلة

وبدى ان الحديث بينهم لن ينقطع

وبطريقة ما أو بأخرى

انتهت تلك الليلة

ليجدها فى سريره

********

كم منا قد اخطأ..؟؟

والى اين يستطيع ذلك الخطأ ان يأخذك...؟؟

خطأ واحد....من الممكن ان يغير حياتك رأساً على عقب

فبعضنا...يحاسب على خطأ واحد مئة الف مرة

*******

من المؤكد انها هى التى اغرته

ومن المؤكد انه قاوم

ومن الأكيد انه استسلم

هو

دفع ثمن خطئه الاف المرات

ومعه هى

التى كانت تحلم فى بغداد

ببيت صغير

يجمعها معه

حاول فى البداية ان يرفض

ان ينكر ان يقاوم

لكن اخت حبيبته كانت قد اقسمت على نهايتهم

حاول ان يخبرها ان ما حدث كان بلا معنى

وان حبه لأختها هو الأول والأخير

ردت عليه بأنها تحبه

ولن ترضى عنه البديل

حاول ان يفهمها

ان يذكرها بحبها القديم

حاول

وحاول

وحاول

ولكنها رفضت

واخبرت امها بكل بساطة

فذهلت الأم

وطلبت رجوع إبنتها فى الحال

وكثر الكلام والتهامس هناك فى بغداد

حول حبيبته التى كانت تحلم

ببيتهم الصغير

وطرق عريس هناك بابها

فرفضت بالامبالاة

فهى له والكل يعرف ذلك

اه يا مسكينة

طلبت منها امها ان توافق

تعجبت

وهنا صارحتها امها بالحقيقة

فكيف تكون لأنسان قد اتى اختها قبل منها

لم تصدق

ذهبت الى اختها فأخبرتها بالحقيقة

وبأنها تحبه هى الأخرى

وسلمته نفسها

انهارت الدنيا حولها

انهار العهد والبيت والحب

وبكت

وهو هناك يأكل صوابعه ندماً

ويبكى

*******

تزوجت

وانجت ابنة جميلة مثلها

كانت هذه اخر الأخبار التى وصلته عنها

فقد حرمت عليه بغداد

من الأن والى الأبد

اما هو

فقد ترك كل ما امن به
وأحاط نفسه بهالة من الأصدقاء والدخان

لم يعرف لمن يوجه اللوم

وجهه الى نفسه حتى كرهها

واللى الناس حتى اصبح غريباً بينهم

الى امه

التى بكى لها كثيراً وهو يرجوها ان تفعل شيئاً

ولم تستطع

الى ابيه الذى تزوج من بغداد

وحكى له عن بغداد

وعن بنات بغداد

الى الكل والجزء

ولكنه بقى يتألم ويبكى

كلما تذكر حالها

وهى مع زوج لم تحبه

ومع اخت لم ترحمها

هو اخطأ فليذهب الى الجحيم

ولكنها اجمل من توصف

وارق من ان تجرح